ما الذي يميز كلام رجل الدين عن كلام انسان عادي . اقول هذا لأني اعتبر ان رجل الدين كرجل العلم لا يلقي الكلام على عواهنه. بل هو يستند الى مراجع دينية او علمية ، فكلامه مستند الى مرجعية ما.
مناسبة هذا الكلام هو اني استمعت لرجل دين مسيحي خلال صلاة اقيمت على نية قريب توفي في ديار الاغتراب . وارتأى حضرة المحترم ان يكون موضوع عظته ، ولسبب ما، بين الغني والفقير او بين الغنى والفقر . فكان من جملة ما قاله انه نسب ليسوع الناصري موافقته على الربا لأنه اي السيد المسيح لم يكن ضد الغنى . فاذا عرفنا ان الربا في اللغة هو الفائدة غير العادلة، او الفاحشة لادركنا ان هناك مشكلة ما في فهم المحترم للاهوت المسيحي الذي يعلمه من خلال وعظاته . واذا تذكرنا بعض اقوال السيد المسيح في هذا الخصوص لادركنا مدى الخلط الذي وقع فيه المحترم. ففي الانجيل انه ” اسهل لحبل ان يدخل سم ابرة من دخول غني ملكوت السموات” او ” لا تعبدوا ربين، الله والمال” . هذان قولان يكفيان للدلالة على نظرة يسوع للغني . وليس في هذين القولين ادانة للغني وللغنى . ولكن يسوع كان يتكلم وامامه نموذج الغني الذي تنتج ثروته عن الفائدة غير المشروعة الفاحشة اي الربا، مما يعني انها من حيث انتاجها للثروة ، تركت فقيرا في مكان ما بسبب الفائدة الفاحشة. مثل هذا الغني لا يهمه كيف يجمع ثروته .وهو بذلك عابد للمال. لأنه لو كان عابدا حقيقيا لله لما جعل غيره يرزح تحت الفقر بسبب طمعه. ومن المعروف ان التاجر اليهودي يحلل الربا وربما كان هو نموذج الغني الذي عناه السيد المسيح . وجميعنا او معظمنا قرأ تحفة شكسبير “تاجر البندقية” وتعرف الى شايلوك.
الان ، ما هو وجه الخطر في الكلام الذي سمعته. وجه الخطر ان المحترم يشكل مرجعية دينية لافراد رعيته او حتى للذين يؤمون الكنيسة من غير رعية بسبب مناسبة كالتي ذكرت . وبسبب كونه هذه المرجعية فالمفروض ان افراد رعيته يتأثرون به ويعتبرون ان كلامه يمثل الحقيقة ويمثل التعليم المسيحي الصحيح . وحتى من كان حاضرا من غير رعيته وليس لديه فكرة واضحة عن هذا الامر ينطلي عليه الامر ويظن ان هذا هو التعليم الصحيح.
فاذا كان هذا الامر هو نتيجة نقص في فهم الانجيل وفي فهم تعاليم يسوع لدى المحترم فتلك مشكلة تطرح كيفية وصول بعض رجال الدين الى هذه المرتبة وكيف يتأتى لهم والحالة هذه ان ينقلوا رسالة السيد المسيح الى الناس . ونقف هنا لأننا لا نريد حفاظا على مشاعر المتدينين والمتدينات ان نذهب الى الافتراض الاخر الاسوأ والاكثر خطورة . وهو ان المحترم يعلم الحقيقة ولسبب ما لا ينقلها للمؤمنين . وهذا خط لا اريد تجاوزه واكتفي بالتلميح اليه بدل التصريح . وهدفي هو توعية الناس الى حقيقة السيد المسيح وحقيقة تعاليمه وحقيقة رسالة المحبة والسلام التي اراد نشرها على بني البشر